الأحد، 15 نوفمبر 2009

تفاعل

دور الإسلام في دعم أخلاقيات الإدارة
مشاركة من الطالبة / دلال السدلان

أمست كثير من المؤسسات الإدارية والمنظمات المهتمة بالتنمية الإدارية فضلا عن وزارات الوظيفة العمومية ببعض الدول العربية تتحدث في الآونة الأخيرة عن ضرورة دعم أخلاقيات الإدارة والاهتمام بتطويرها وتقويمها، ووصل الأمر بالمنظرين والمسؤولين في هذا المجال إلى إبداع مصطلح «التخليق» غير أن المثير للانتباه في هذا السياق هو أن حديث هؤلاء عن تخليق الإدارة ينأى بهم بعيداً عن المرجعية الإسلامية فلا يكاد يذكر اسم الإسلام أو دوره السباق والخلاق في تهذيب سلوك الموظف الإداري وتقويم تصرفاته وتقوية إرادته وتحفيز روح المسؤولية لديه، بل إن حديث معظم المسؤولين والمهتمين بحقل الإداريات عن تخليق الإدارة إنما يتم من خلال الحديث عن ضرورة محاربة الفساد الإداري والمحسوبية وإيقاظ الضمير المهني ومسألة حسن التدبير وترشيد النفقات وغير ذلك من المصطلحات الحديثة المستوردة في معظمها من ثقافة الإدارة الغربية بكل مكوناتها.
إن الذي تتاح له فرصة حضور بعض فعاليات الندوات المختصة بالإدارات العمومية في بعض البلاد العربية لن يعدم تكوين فكرة واضحة عن مدى إغفال الدور الإسلامي في الحديث عن كل الجوانب المرتبطة بدعم أخلاقيات الإدارة العمومية، بل الأدهى من ذلك أن يصاب كثير من المسؤولين الإداريين الذين درسوا في الغرب بالدهشة والذهول عندما تحدثهم أن الإسلام كان سباقا إلى الدعوة إلى دعم أخلاقيات الإدارة وفق مبادئ وتعاليم أصيلة ترمي جميعها إلى تقوية البواعث الإيمانية، والتأكيد على قيم التقوى والاستقامة وتحمل المسؤولية وإيقاظ الضمير لدى الموظف الإداري.
إن الإسلام ربط جميع المعاملات في الحياة العامة، بما فيها الحياة الإدارية، بالأخلاق والسلوك المحمود ولذلك لم تكن نظرته إلى موضوع تخليق الإدارة نظرة تجزيئية ضيقة بل نظرة شمولية وهادفة، فدعم أخلاقيات الإدارة لا يعني فقط في المنظور الإسلامي محاربة الرشوة والحفاظ على المال العام ومناهضة المحسوبية وما إلى ذلك، بل شمل ترسيخ مفاهيم المسؤولية والرعاية )كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته( ومراعاة حقوق الناس وحرماتهم، وكذا العمل على تسيير علاقة المواطنين بالإدارة ودراسة تظلماتهم وشكاواهم وحمايتهم من كل أشكال التعسف والشطط لدى المسؤولين الإداريين.
إن نظرة الإسلام الشمولية إلى موضوع الإدارة تنطلق من كون الأخلاقيات الإسلامية تأخذ مفهوما واسعاً يوحد توحيداً كاملا بين الإيمان والعبادات والمعاملات المجتمعية ومنها المعاملات الإدارية أي انه لا يفرق مطلقا بين الروحانيات والماديات، فبقدر ما يتدخل في الشؤون العامة يتدخل في الشؤون الخاصة لذلك كانت الرقابة الإلهية التي ينبغي للموظف الإداري أن يراعيها قبل الرقابة الإدارية لا تتناول عملا وتدع آخر بل تتناول الأعمال كلها، فالصلاة مثلا إن أُديت بضوابطها وخشوعها كانت ناهية عن الفحشاء والمنكر ورادعة للموظف الإداري عن السقوط في الممارسات اللا أخلاقية، وللتدليل على أهمية هذا الأمر في تخليق المسؤول الإداري لا نجد أروع من الإشارة إلى ما افتتح به عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطابه عندما كتب إلى عماله في الأمصار قائلا (إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع) رواه البيهقي، أي من ضيع حق الله تعالى الذي هو الصلاة ولم يحافظ على أوقاتها فهو لغيرها من الأعمال والواجبات والمسؤوليات أضيع.
من جهة أخرى فإنه إذا كان الشعور بالمسؤولية يعتبر إحدى الخصائص الأساسية المطلوبة في الموظف الإداري الذي غالبا ما يعرف بأنه "الموظف المسؤول" فإن الإسلام بالرغم من تأكيده على المسؤولية الفردية واعتبارها الأساس لا يهمل المسؤولية الجماعية التي تجعل الموظفين في مجال التدبير الإداري متماسكين ومتضامنين على تحقيق النفع العام، وبذلك تتعدى مسؤولية الإنسان الإداري أفعاله الخاصة ومقاصده الشخصية إلى نطاق مجموع المجتمع الإداري الذي يتحرك ويمارس عمله في إطاره، فهو في الوقت الذي يعتبر فيه مسؤولاً عما يصدر عنه من أفعال وتصرفات وممارسات، فان الإسلام لا يعفيه من المسؤولية عما يجري في محيطه الإداري ويدور حوله ويقع من غيره، خصوصاً إذا كان هذا الغير ممن يقع تحت مسؤوليته ورعايته وفي الحديث النبوي الشريف (كلم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) متفق عليه.
هذا إذن عن نظرة الإسلام إلى مسألة تخليق الإدارة وهي نظرة شمولية هادفة تدعو إلى تفعيل السلوك الإداري قبل التوظيف وبعده وتنمية الإحساس لدى الموظف بأهمية الالتزام بالشعائر الدينية التي تسهم في تهذيب السلوك وتزكيته، وكذا ضرورة إيقاظ الضمير الديني الذي يوجه الخطوات ويسدد التصرفات إلى حد ما، هذا فضلا عن التأكيد على أهمية الإحساس بالمسؤولية الذي يعتبر الأساس وقطب الرحى الذي يبنى عليه مفهوم تخليق الإدارة.
أما على مستوى المبادئ والمفاهيم التي تحدّ من شيوع مظاهر الفساد والتسيب الأخلاقي في المجال الإداري بصفة عامة مما لا يدركه -للأسف الشديد- كثير من مسؤولي إداراتنا العمومية، فقد عمل الإسلام في مجال تعيين الموظفين وغيرهم على مراعاة شروط الصلاح والكفاءة والأمانة فيمن يراد توظيفهم وهو ما يعرف بمبدأ تولية الأصلح وذلك من أجل دعم المحافظة على نظام الأخلاقيات في الإدارة وأجهزة الدولة، ولذلك جاء في الحديث النبوي: (من ولِّي من أمر المسلمين شيئاً فولَّى رجلاً لمودةٍ أو قرابةٍ بينهما فقد خان الله ورسوله).
وقد كان مبدأ تولية الأصلح في المناصب الإدارية ومصالح الدولة في صدر الإسلام شرطا ضروريا لضمان حسن تدبير أمور الدولة ووقاية الصرح الإداري من كل تفريط أو إهمال.
أما محاربة الرشوة التي تعتبر رأس الفساد الإداري فقد كان الإسلام سباقاً إلى تحريمها، معتبراً إياها من باب أكل أموال الناس بالباطل، لذلك فإنه ينبغي من أجل محاربة آفة الرشوة في المجال الإداري أن يتم بالإضافة إلى ما يوجد من قوانين زجرية وعقابية إشعار الموظفين الإداريين بشدة التحريم الإسلامي لهذه الآفة التي لعن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش بينهما، ومما لاشك فيه أنه عندما يكون الضمير الخلقي للموظف الإداري متقداً ويقظاً فإنه يراعي الحظر الديني أكثر من مراعاته للحظر القانوني، وذلك بفعل الإيمان والوازع الديني اللذين إن كان لهما مكان في قلب ووجدان الإنسان فإنهما يؤثران في سلوكه الأخلاقي أكثر من تأثير الرقابة الإدارية أو القوانين الزجرية.
هكذا إذن أمكن القول إن الإسلام قد عالج مسألة دعم أخلاقيات الإدارة ليس عن طريق الزجر فقط وإنما عن طريق التربية والتهذيب لسلوك الإنسان وجعله يخشى الله ويراقبه قبل أن يراعي الرقابة الإدارية، وبمثل هذا المنهج الإسلامي الهادف عالج ديننا الحنيف قضايا البيئة والتنمية وحقوق الإنسان وغيرها مما لا يتصور كثير من المنظرين والمهتمين بتلك القضايا أن الإسلام كان سباقاً إلى معالجته وتقعيد قواعد تؤطِّرُه وضوابط تحكمه فيما نقلته إلينا نصوص دينية متنوعة ساهمت في إغنائها وتفسيرها سياسات الخلفاء الراشدين الذين أثروا المرجعية الإسلامية في كل المجالات والميادين.



المصدر: مجلة الوعي الإسلامي العدد 521

الجمعة، 13 نوفمبر 2009

بحوث المجموعات الطلابية



تقسم كل قاعة إلى مجموعات تبحث أخلاقيات مهن محددة داخل إطار الإدارة، أو القريبة منها، وتتكون المجموعة من ثلاث طلاب على الأكثر، وتقدم البحث في حدود 3-5 صفحات بشكل علمي مركز قابل لأن يكون مقرراً على الطلاب.
ويفضل أن تكون البحوث مكتوبة بالكمبيوتر، تلتزم أسس البحث العلمي عن طريق العزو للمصادر التي توضع في آخر البحث على شكل قائمة مستقلة، ولا مانع من الرجوع لمواقع الانترنت والصحف والمجلات المتخصصة.
ويجب أن تتوفر في البحث ثلاثة عناصر أساسية، وهي (مدخل للتعريف بالمهنة التي سوف تدرس أخلاقياتها، الأخلاقيات المحمودة فيها، والأخلاقيات المرفوضة) والزيادة على ذلك يرجع إلى المجموعة، حسب الحاجة وتوفر المساحة.
ومن المهم جداً أن يكون هناك تشارك دائم بين الطلاب في كتابة البحث، وتوزيع المهام بحيث يظهر أثر كل طالبة في البحث المقدم، فتقسيم الدرجات ينصب على المادة العلمية المطروحة، ومدى الإبداع والتجديد في طرحها وصياغتها، وتشارك المجموعة في إعداد البحث بشكل جماعي، وسوف تفرز البحوث المتميزة من كل موضوع في مذكرة مستقلة لتكون الجزء الثاني من المنهج بعد الكتاب المقرر.
تسلم البحوث في تاريخ أقصاه 25/12/1430هـ، ويفضل إرسالها على البريد الإلكتروني:
Arash5@hotmail.com

عناوين البحوث:
1ـ أخلاقيات القيادة.
2ـ أخلاقيات التسويق.
3ـ أخلاقيات الإدارة المالية.
4ـ أخلاقيات العلاقات العامة.
5ـ أخلاقيات التجارة والاستثمار.
6ـ أخلاقيات الأعمال المصرفية.
7ـ أخلاقيات التعليم.
8ـ أخلاقيات المحاماة.

السبت، 7 نوفمبر 2009

القيم والمهنة



يقوم المنهج الإسلامي على تقويم السلوك البشري وتهذيبه وتوجيهه بما يحقق المصلحة الفردية والجماعية وذلك لأن الإنسان بطبعه خلق ضعيفاً هلوعاً ، وقد كان النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أعظم الناس خلقاً وأحسنهم سلوكاً ، وقد وصفه المولى عز وجل بقوله "وإنك لعلى خلق عظيم" ( القلم : 4) .
والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم جعل من الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة طريقاً فسيحاً لدعوته ، فقال "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ، كما أن الله جل وعلا جعل تغيير أحوال الأمم رهيناً بتغيير أخلاقها وسـلوكها كما في قوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد : 11) .
وإذا كان هناك عدد من الصفات الأخلاقية التي ينبغي على الفرد المسلم التحلي بها في التعامل مع الآخرين فإن الالتزام بهذه الصفات في مجال العمل يكون أوجب وأهم ، ذلك لأن المهنة هي محـور علاقة مباشرة بين الفـرد ومن حوله ممن يتعاملـون معه من الزملاء و الرؤساء والمرءوسين والمستفيدين من عمله من محتاجين وعملاء .
وتؤدي القيم الفاضلة التي يعتنقها الفرد المسلم المستمدة من عقيدة التوحيد ومبادئ الشريعة دوراً أساسياً في التأثير على سلوكه ونشاطاته بل وممارساته اليومية ، ومن هذا المنطلق فإن قيمنا هي أهم ما يميز شخصياتنا ، فهي تؤثر على سلوكنا والأشخاص الذين نثق بهم والرغبات التي نلبيها ، وكذلك الطريقة التي نستثمر بها أوقاتنا وجهودنا ، وعلى جميع مظاهر حياتنا ، بل إن قيمنا هي التي توجهنا للطريق القويم في الأوقات الحرجة حين تتفرق بنا السبل وتتقاذفنا الضغوط وأمواج الحياة .
والقيم تعبر عن المعتقدات الأساسية للفرد ، وهي التي تحدد له ما يجب أن يفعله أولا يفعله ، وماهو صحيح أو خطأ أو حق و باطل أو اختصاراً هي التي توجه أخلاقنا وسلوكنا في التعامل مع الأشياء أو مع الآخرين من حولنا .
وإن لمظاهر السلوك الإنساني الذي يسلكه الفرد وهو يؤدي مهنته التي يزاولها علاقة وطيدة بين قيمه التي يعتنقها من جهة وبين قيم المنظمة التي يعمل فيها ويطبق فلسفتها من جهة أخرى ، وبين قيم المجتمع الذي يعيش فيه كل من الفرد والمنظمة من جهة ثالثة .
وقد تصدى مجموعة من العلماء والباحثين في شتى الحقول العلمية والمعرفية في علم النفس والاجتماع وعلم الأجناس البشرية والإدارة إلى قضية القيم ومحاولة فهمها لتفسير السلوك الإنساني وما يصدر عنه من ممارسات صحيحة أو خاطئة نتيجة للقيم أو الموروثات التي يحملها الفرد ويؤمن بها.


ومن هنا جاءت أهمية دراسة تأثير القيم ودورها في تحريك العاملين في مجال الإدارة، وضبط سلوكهم وعلاقاتهم المتداخلة مع كافة الأطراف.